يمثل تغير المناخ تحديًا عالميًا لا مثيل له يتجلى بالفعل في الظواهر الجوية المتطرفة وارتفاع منسوب مياه البحر وندرة المياه وانعدام الأمن الغذائي، وتعتبر الزراعة المائية أحد التقنيات الواعدة التي يمكن اللجوء إليها للتصدي لمثل هذا التحدي الخطير، فهذه التقنية لديها القدرة على إحداث ثورة في الزراعة المستدامة، فهي تعزز قدرة قطاع الزراعة على الصمود في مواجهة الآفات والأمراض والظواهر الجوية القاسية وذلك لأنها تعتمد على فكرة إنتاج المزيد من المحاصيل باستخدام كميات أقل من المياه ومساحات محدودة من الأراضي.
تعود نشأة الزراعة المائية إلى الحضارات القديمة للمصريين والبابليين والصينيين الذين استخدموا تقنيات الزراعة المائية لزراعة النباتات في محاليل مائية غنية بالعناصر الغذائية، وتُستخدم هذه التقنية على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم لزراعة مجموعة متنوعة من المحاصيل، بما في ذلك الخضروات والفواكه والأعشاب والزهور، وتزداد شعبيتها في المناطق القاحلة والبيئات الحضرية حيث تكون موارد الأراضي والمياه محدودة.
تساهم تقنيات الزراعة المائية المصنفة ضمن الزراعة الذكية مناخيًا أو الزراعة البيئية الخاضعة للرقابة في الممارسات الزراعية المقاومة للمناخ، وتوفر هذه التقنيات قدرًا أكبر من التحكم في الآثار الناجمة عن الظروف المناخية المتغيرة والحماية منها، مما يضمن الحصول على إنتاج أكثر اتساقًا واستدامة وأنظمة غذائية ذات جودة أفضل.
توفر الزراعة المائية المزيد من القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ مقارنة بالزراعة التقليدية، فتقلل أنظمة الزراعة المائية من مخاطر الجفاف والفيضانات وموجات الحرارة، مما يضفي مزيدًا من الموثوقية على هذه التقنية، وتتيح أيضًا الزراعة المائية إمكانية زراعة المحاصيل في المناطق التي لا تناسبها الزراعة التقليدية مثل المناطق القاحلة والبيئات الحضرية، وتوفر هذه التقنية كميات كبيرة من المياه، فهذا النوع من الزراعة يستخدم كمية أقل من المياه بنسبة تصل إلى 90٪ مقارنة بالزراعة التقليدية، مما يجعلها أكثر ملائمة للمناطق التي تعاني من شح المياه والمتأثرة بتغير المناخ، وتتيح الزراعة المائية إمكانية التحكم في الظروف المناخية من خلال استخدام البيوت الزجاجية والإدارة الدقيقة لأنظمة الري والأسمدة ومكافحة الآفات مما يؤدي إلى استخدام الموارد بطريقة أكثر فاعلية والحد من النفايات.
بالإضافة إلى قدرتها على الصمود في وجه مسألة تغير المناخ، توفر الزراعة المائية العديد من المزايا مقارنة بالزراعة التقليدية القائمة على التربة، مما يعزز الإنتاجية تعزيزًا ملحوظًا، فهي تؤدي إلى إنتاج الكثير من المحاصيل على أراضي محدودة، وتساهم بالتالي في تلبية الاحتياجات الغذائية المتزايدة في العالم، ويزيل هذا النوع من الزاعة قيود الإنتاج الموسمي، مما يتيح إمكانية الزراعة على مدار العام، وضمان الحصول على إنتاج نظيف من خلال الاستغناء عن المبيدات الحشرية الضارة.
ولا توفر هذه الزراعة الاستدامة البيئية وكفاءة استخدام الموارد فقط، بل تعمل أيضًا على تمكين المزارعين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم من الحصول على محاصيل أعلى جودة وأكثر إنتاجية، فسيستفاد المزارعون والشركات الصغيرة والمتوسطة من هذا الجانب استفادة كبيرة، إذ يمكنهم من توسيع نطاق أعمالهم والمساهمة في الإنتاج الغذائي المستدام مع الحفاظ على البيئة. ولذلك، فإن اعتماد المزاعين والشركات الزراعية الصغيرة والمتوسطة لتقنيات الزراعة الذكية مناخيًا أو الزراعة البيئية الخاضعة للرقابة على نطاق واسع مثل الزراعة المائية سيؤثر تأثيرًا إيجابيًا على الأنظمة الغذائية ويعزز قدرتها على التكيف مع تغير المناخ.
لذلك، إذا كنت تتطلع إلى الاستثمار في تقنيات الزراعة الذكية والمستدامة مثلما تفعل العديد من الشركات المحلية الآن، فعليك بالزراعة المائية، فهي فرصة عظيمة لزيادة إنتاجية المحاصيل، والوصول إلى الأسواق الدولية من خلال فرص التصدير الحالية!
يتعاون البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية مع I-GO Assistant لدعم جهود الاستدامة التي تبذلها الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال الأداة المجانية لتقييم كفاءة الموارد والتصفح التي صممتها منصة الصناعة الخضراء وتديرها.